كان حلم أن أكون أستاذا بالجامعة .حلم أن أكون فى جامعة كان فيها لطفى السيد وأمين الخولى وطه حسين وأحمد أمين وعبد الرحمن بدوى ومصطفى مشرفة وسميرة موسى .وما إن دخلت الجامعة عام ١٩٩٠ معيدا بقسم الفلسفة حتى بدأ الحلم يتحول إلى وهم وأحيانا كابوس .وكل يوم الأوضاع تزداد سوء .فالجامعة جمعت قطاعات كبيرة من أعضاء هيئة التدريس لاعلاقة لهم بالعلم والبحث العلمى .يتحدثون فى كل شئ الا العلم .يتصارعون على كل شئ الا العلم .درجات علمية تمنح بلاقيمة ولاجدوى .وأبحاث ورسائل لاتعدو أكثر من تسويد الورق الأبيض بالحبر بمضامين فارغة .قلة هم فى الجامعة من يعون أهمية البحث العلمى .وأهمية الجامعة فى التعليم وتنمية الوعى .لقد أصبحت الجامعة اسم دون مسمى .ومبانى دون معانى .وألقاب دون مضامين .واقع مؤلم ومشين كواقع الوطن المنهار .لاقيمة فيه للعلم ولا المعرفة .أوضاع تعمق للعزلة داخل كل الجادين .الغرباء داخل جامعتهم .القابضين على الجمر .المؤمنين بأهمية رسالة العلم فى حياة الشعوب .ما أشقى الإنسان والباحث الطبيعى الذى يعيش فى بيئة طاردة للعلماء.بيئة ينمو فيها الهالوك والطفيليات .لا أمل فى هذا الوطن الا حين تكون لديه جامعات حقيقة .وبحث علمى حقيقى .سيظل الوطن يتنكب ويتراجع إلى حضيض الانحطاط طالما ظلت الجامعة والتعليم بهذا التدهور الشديد.
احمد سالم استاذ الفلسفة جامعة القاهرة.